اليوم كنت فى موقف ذكرني بالثقة والتوكل على الله
ذكرنى الموقف بأنى من فترة وانا ثقتي بالله وكأني احس انها قلت
هل هذا هو ما يعنيه الحديث أن الأيمان يقل احيانا ويزيد احيانا اخرى.
الحمد لله ... الحمد لك يا ربي انك معى .. حتى وان انا نسيت
سمعت عن الخبز الحافي اول مرة فى غرفة انتظار المرضى ... من فتاة رأتني اقرأ رواية فقالت انه جميل ان نرى شخصا يشغل وقته فى القراءة .. بدأنا نتحدث عن الروايات .. واخبرتها انى بدأت قراءة رويات باللغة العربية , فنصحتني بأن اقرأ لأمين معلوف ولمحمد شكري (الخبز الحافي) وقالت انها عن فتى لم يتعلم القراءة الاعندما بلغ العشرين عاما. وهذا كله ما سمعته عن الكتاب ....
اشتريت الرواية بعد فترة طويلة ..
وبدأت القراءة ....
" صباح الخير ايها الليليون ... صباح الخير ايها النهاريون ... "
من بداية الصفحات توارد لى احساس بأن الذى يكتب طفل ..أي بطريقة فهم الطفل للأشياء ..
وحتى انك لا تلاحظ أي فواصل او أي نوع من القواطع بين الأحداث ...
يعنى ممكن ان تنتهي فقرة كانت تتحدث عن شىء .. وتأتى الفقرة التالية لتتحدث عن شىء اخر ..
وكأن الكاتب يكتب ما يحضر الى ذاكرته .. ذاكرة الطفل فيه.
هناك الكثير فى ذاكرة هذا الطفل .... لأمكانية التحدث عنها ... سأصنفها !
الدين عند الطفل شكري:
من البداية .. والى النهاية .. هناك المفاهيم الأسلامية التى يشعرك بأنه مهما بعد الشخص عن الأسلام فلا بد له ان يعرفها !
اكل الجيفة حرام حتى وان كنت ستموت من الجوع !
عندما تذبح .. يجب ان تكبر .. ويجب ان يخرج الدم من ذبيحتك حتى وان كانت شبه نافقة !
اتيان المرأة حرام من (الدبر) حتى وان كانت فتاة ليل .. فأنها هى من سيقول لك بأن هذا حرام !
يمنع فى البورديل الذى تعمل فيه الفتيات ان يعاشرن من هم غير مسلمين ! ولذلك لم يسموحوا للتركى صديق شكرى ان يأخذ احدى الفتيات حتى يتأكدون منه وذلك حين تلفظ بالشهادة !
هناك ايضا اختلاط الأفكار فى رأس الطفل ببعضها ... شىء وجدته مضحك ... انه وهو يتحدث عن (لا حرودة) معلمة النكاح للأطفال فى حيهم .. وهو يشبه جسمها بحوت .. فأن عقله تذكر الحوت الذى ابتلع النبي يونس ! فهكذا قالت له أمه.
فى هذا الكتاب وحتى فى جزءه الثاني (الشّطّار)... لم اقرأ ولو لمرة ان الكاتب قد جذف على الله .. مع انه سمع الكثيرين طوال حياته يفعلون ذلك .. كان منهم والده ...
الجسد:
أحسست بالحزن على الطفل شكرى من انه تعلم وتعرف على الجسد من صغر سنه !
الكاتب هنا .. وكما ذكرت بأنه تكلم من ذاكرة الطفل .. التى نقلت الأشياء وكما رأتها ... وجربتها ... بتشبيهاتها .. وبأحساسها لديه....
هناك شىء استرعى انتباهي ... وهو ما قاله الكاتب فى الجزء الثاني (الشطار) بأنه قد تكون لديه نزعة لوطية داخلية.
عندما رجعت الى قراءة الخبز الحافي ... و فى المقطع الذى يحاول فيه الأعتداء على صبي فى وهران .. اشار الى ان عينيه ادمعت ... ثم فى علاقته مع سولافة (التى كانت حليقة الرأس) وكيف ايضا انه كان يرغب فى البكاء سواء قبل او بعد النوم معها ...
أعتقد ان السبب فى عدم تحوله الى هذه النزوة ... هو خوفه مما كان سيحصل له فى فندق الشجرة ! وشعوره بالأشمئزاز منه .. ورؤيته لرجل يلاعب طفل صغير .. ومعاكسة الرجال له.
فكيف له ان يصنع هذا .. وهو يذكر خوفه و تساؤله لله "هل تعمد الله ان يخلقهذا العالم على هذا الشكل من الفوضى والتنوع"
الوالد والوالدة
لا أرى هناك اى شىء للتعليق !
هو شخص ومن صغر سنه وهو يكره والده .. رمز السلطة فى البيت .وكما اشار الكاتب ان والده يصبح الاله الذى عليهم اطاعته ....
وبالطبع ... هو لا يكره أمه لأنه يعرف انها تحاول حمايته ... شرح هذا بسيط .. وهو ان والدته .. التى رأت الوالد يقتل طفلها والذى يهينه .. تنام مع هذا الوالد فى اخر الليل ...
هذا التفكير .. والمعرفة بأن الكثيرون ممن تحدث عنهم شكرى فى كتابه لهم نفس المفهوم .. يجعلنا ننظر الى مجتمعنا .. ونرى ما هو مفهوم الرجل والمرأة لبعضهم ... المفهوم المتوارث ... فقط لكون هذا ما رأه كل هؤلاء
قال لصاحبه الذى عرف ان له خليلة يضربها نهارا وتأتيه ليلا ...
"لقد اصبح التفرسيتى يتصرف كرجل مع المرأة"
القومية العربية وعلاقتها بالحياة !
لِمَ اردت الكتابة عن القومية ؟؟؟
لأنى رأيت اصدق ما يمكن ان يقال عنها .. فى علاقتها مع ما يحياه المرء ... هو موقف اضحكني جدا ...
عندما ركبا الزوارق متجهين الى السفن التى تحمل المهاجرين ليبيعوا لهم بضائع ... فلما حدثت مشكلة بسبب بائع اخر سأل شريك شكرى اياه "الم تتحدث عن الحرب فى المغرب و الجزائر" فأجابه شكرى "قلت لك لم اتكلم عن السياسة مع لنصارى او مع اليهود. هل تريدنى ان اقول للفرنسيين والسينيغاليين الا يذهبوا الى الجزائر ولليهود الا يهاجروا الى فلسطين؟"
اللغة:
الجميل جدا فى الكتاب .. وحتى جزءه الثاني ... أن الكاتب من البداية نقلك الى جو حيته العام ...بلغتها .. ولكنتها ..
بدأ الكتاب بجمل من لغة غريبة ...لغة الكاتب الأم (الأمازيغية) ... ثم حين انتقل الى احياء عربية .. تغيرت اللغة واللكنة.
لا اعتقد انك ستقرأ الكتاب بدون ان تكون رنة اللهجة المغربية فى اذنك وحتى فى لسانك وانت تقرأ الجمل.
الخبز ...... و الخر ...
من أجل الخبز وحده ... حدث الكثير فى كتاب حياة شكري الصغير!
مات اخوه من الجوع .. او لنقل قتل والده اخوه الجائع لأنه كان جائعا ...
تنقل من عمل الى اخر .. ومن موقف الى اخر من اجل الخبز ... حتى انه باع نفسه فى مرة لعجوز من اجله.
وحتى ان سبح فى مياة متسخة بالفضلات الادمية من اجله
هنا يقول " ..... رمى الفطيرة الى الماء ......نزعت قميصي وسروالي وقفزت الى الماء .. طفوت تحت قطعة الخبز . ضحك الصياد . رفعت رأسى اليه . قبضت على الشطر وفتته فى قبضة يدي . قطع الخراء تعوم حولي . بقع من زيت المراكب . سبحت نحو السلم الحجري . قطع أخرى من الخراء والخبز تطفو أمامي . أختلط فى ذهني الخبز بالخراء ......"
عمن يتحدث شكري فى الخبز الحافي
يتحدث شكرى عنه ... عن الأطفال والمراهقين .. الذين نكرههم ! المنبوذون !
ذاك النوع والصنف من الشبان الذين نعزلهم عنا ... اللذين نخرجهم عادة من تصنيفنا للبشر !
وكما قال " دخلت السوق . امرأة أجنبية تدفع ثمن مشترياتها ثم تعيد محفظة نقودها الصغيرة المحشوة بالأوراق المالية الى حقيبتها . انتبهت الى نظرتي نحو حقيبة يدها . شدتها بحرص . قالت لى نظرتها اللطيفة : الا تحشم ؟ خجلتُ وخرجت من السوق . انه بؤس العالم يا سيدة العالم . ان الذين يملكون هم ايضا لا يحشمون . انهم يشتروننا بأبخس الأثمان. ربما انت لا تحتاجين ان تبيعي نفسك"
السؤال الذى سأله كثيرون.
هل هو كتاب جريء؟
هو جريء لأنه يتحدث عما هو موجود .. وما هو واقع .. بدون اى تجميل واى موارية .. شىء لسنا متعودين عليه فى العالم العربي.
لو كان فى يد اخرين .. لما ذكر احدهم وجود اى بورديل (بيت دعارة) !
ولما ذكر كيف ينظر الكثير من الرجال الى زوجاتهم ... (اضربها فى النهار وضاجعها فى الليل)
ولما ذكروا اللوطية.
ولما قال احدهم (هل اقول لليهود ألا تذهبوا الى فلسطين) !
لو كان عالمنا صريحا مع نفسه .... لما كان هذا الكتاب جريء !
اقول كما قال شكرى فى مقدمته
"قل كلمتك قبل ان تموت فاءنها ستعرف حتما طريقها. لا يهم ما ستؤول اليه. الأهم هو ان تشعل عاطفة او حزنا او نزوة غافية ... ان تشعل لهيبا فى المناطق اليباب الموات ......."
" فيا أيها الليليون والنهاريون.. أيها المتشائمون والمتفائلون.. أيها المتمردون.. أيها المراهقون.. أيها العقلاء لا تنسوا.. لا تنسوا أن لعبة الزمن أقوى منا، لعبة مميتة لي، لا يمكن أن نواجهها إلا بأن نعيش الموت السابق لموتنا بإماتتنا أن نرقص على حبال المخاطرة نشداناً للحياة،
أقول: يخرج الحي من الميت، يخرج الحي من النتن والمتحلل، يخرجه من المثخن والمنهار، يخرجه من بطون الجائعين ومن صلب المتعيّشين على الخبز الحاف."
قرأت بعد الخبز الحافي .. الجزء الثاني من سيرته (الشّطّار) ... تختلف عن الخبز الحافي .. فى انك ترى ومن تقسيم الكاتب لكتابه بأن الطفل قد ذهب ... هناك تقسيمات للفصول ... وكل فصل يحوى شىء مختلف.
ايضا ... لا يوجد أى ذكر لتفصيل ما يحدث بينه وبين نساءه ... احيانا انت لا تعرف ان كان قد نام مع التى ذكرها ام لا !
هنا وضحت شخصية الكاتب الذى كبر ... فهو لم يعد الطفل الذى ينقل ما يرى ويمر به ... انما هو شخص بالغ له سريته وخصوصيته.
هل حقا خرجنا ونحن نعرف حياة شكري !
خرجت من الكتاب ... وحتى من كتاب الشطار ... ومع ان الكاتب قد سرد الكثير عن حياتة الخصوصية (لا اقول الشخصية) .. الا أنني لا استطيع القوم بأنى عرفت الأشياء التى تعتبرحيطان مكونة لغرف فى حياة الأخرين ...مثلا .. هو لم يشر فى مرة واحدة الى انه تزوج ام لا ! فهمت من خلال كتابته انه لم يتزوج ... ولكنه لم يقل هذا بوضوح.
علاقة شكرى ككل بالمرأة ... أفهم انه كان يحترمها .. فهو لم يكن يضرب اى من خليلاته ...
وان كانت المرأة لا تريد الا الأحترام .. فهو يعاملها كذلك !
لم اعرف بالضبط ما انجز فى حياته (حتى بعد الأنتهاء من الشطار) ! الى ان قرأت عنه فى احد المواقع !
سواء الخبز الحافي او الشطار .. كتب الكاتب عما يجعله يفعل ويصنع ما يصنع ... وكن الكتابة له هى نظر للداخل وبصدق.
كل الأمور الخارجية ... ام يم يكن لها صدى داخلي فهى خارجية ... وكأنها لا تمثل جزء من سيرته !
ايضا ... لا زلت لا أعرف بالضبط ما هى علاقة الكاتب بالله !
هل كان يصلي ... هل صام ؟؟
هذه اشياء ولأنى تربيت عليها فهمي مهمة .... وبهذا الشكل أرى علاقة الشخص العملية بدينه ...
قد لا اكون فهمت ... لأننى اختلف عن شكري.