من يلعب الشطرنج يعرف إن المهمين فى اللعبة محدودين : ملك واحد وملكة واحدة , وزيران, قلعتان (او يسمى الفيل) و حصانان (او الفارس).
ويعلم ايضا إن الكثرة هم من الجنود , وهم اضعف افراد جيش الشطرنج.
و الاعب بذكائه يستطيع ان يستخدم جنوده لعدة اغراض مهمة منها التضحية بهم لينقذ فرد أهم , أو قد يستخدمهم كوسيلة اغراء وتشتيت ليستولى الخصم على الجندى – الأعزل - فى حين يقوم الاعب بحركة استراتيجية فى جهة اخرى تساعده على تنفيذ خطة الفوز. واحيانا وبحركة ذكية قد يقضى الجندى على من هو اكبرمن مقاما وأعتى منه قوة.
لسنا نتحدث بالذات عن الشطرنج هنا !....ولكن هناك تشابه بين الشطرنج وبين حياتنا !
فلو كانت حياتنا لعبة شطرنج لفكركل منا بأنه ملك اللعبة المهم الذى تتمحورالدنيا – بأفرادها - حوله.
و هذا ليس بخطأ.
فنحن نعيش (حيواتنا) نحن انفسنا.
انت تشعر (بك انت) ترى بعينيك (انت) و تحس بقلبك (انت) و تفكر بعقلك (انت) , انت من تنام وتأكل و تتنفس.
و لهذا وبكل بساطة فأنت البطل الأوحد فى حياتك , و باقى الناس هم (الاخرون)
هم مجرد ......
جنود !
يبسطون لك الدرب ...
ولكن مهلا !
قبل ان تستغرق فى التفكير ... هل تعلم بأنك انت ايضا جندى فى حياة الكثيرين ؟
و لست اقصد من نعرف من أهل وأصحاب ...
بل أعنى الغرباء.
نعم ! لست انت بطل القصة المهم دائما , انما انت شخصية ثانوية فى حياة شخص اخر, شخص لا تعرفه ولا يهمك ..
حتى تفهمنى اكثر ... سأذكر لك امثلة ....
فى يوم تراكمت الأسباب حتى اتت النهاية بأن احرقت شفتى ولسانى لأننى شربت قهوة ساخنة جدا!
و بعد ذلك اليوم ولعدة ايام وانا اتـأكد من اننى لا أُحضر الا (الدافىء قليلا) من القهوة اوالشاى.
صادف انى فى تلك الفترة كنت أحضر محاضرة وعندما حان وقت الأستراحة حضرت لنفسى قهوة و تأكدت من انها (دافئة)
رحت اجلس مكانى, تحركت يدى بطريق الخطأ وانسكبت القهوة (الدافئة) على سيدة تجلس امامى مباشرة!
ولأن القهوة كانت دافئة وليست (ساخنة) فالسيدة لم تشعر بها على رأسها ألا حين بدأت تقطر من شعرها على رقبتها! استائت السيدة بالطبع و نظرت الىّ شزرا حين اعتذارت لها.
تسائلت بعد عدة ايام .... هل كتب لى ان احرق انا نفسى حتى تأمن السيدة من حرق بالغ !!؟؟
مثال اخر.
كنت فى مبنى لا أعرفه جيدا وحين اردت الخروج منه أضعت طريقى فى داخل ممراته حتى اضطررت الى الخروج من برد المكيف الى حر الشمس الحارقة والسير مسافة لا بأس بها حتى اهتدى الى مكان سيارتى .
فى النهاية عندما وصلت الى مكان السيارة , لمحتنى سيدة مارة ولأننى كنت الوحيدة هناك , طلبت منى مساعدة ما وقضيت لها ما بوسعى.
بعد فترة.. فكرت
لم تهت فى المبنى , ومشيت فى ذلك الجو الحار؟
لم يساورنى الشك فى انى كان ينبغى عليّ ان اكون فى الوقت المناسب لتلك السيدة حتى تلمحنى !
اذا ..
قد تجمعك احيانا الصدفة او الظروف - سمها ما شئت - بأشخاص غيرمعينين فى اوقات معينة وبترتيب معين لفائدة احدكما.
قد يكونوا(جنود لك) وقد تكون انت (الجندى لهم)
(جندى) غير مهم لصنع شىء ما او تسهيل امر او مساعدة أحد (أهم) فى ذلك المكان والزمان.
عندما تقرأ (وما يعلم جنود ربك الا هو ....)
هل تفكر بان الجنود هم فقط حمام وعنكبوت غار الرسول او انهم البقرالوحشى الذى اغرى ملك الغساسنة ؟ ام هم الغمام و البحر؟؟
لا. انا لا اعتقد هذا !
لأنى لا اعتقد ان ربك ينساك او ينسى أى أحد , مهما كان قريبا منه او بعيد واياً كان دينه ومهما كان بغيظا او حبيبا ؟؟؟
حقا.. ما ودعك ربك وما قلى
و الأن ..
قل لى انت
هل تتذكر متى كنت انت (الجندى) فى حياة (ملك) اخر؟؟؟؟؟